الدكتور عبدالملك
منصور المصعبي
الأكاديمي، المؤلف، السياسي، الدبلوماسي
الدكتور عبدالملك
منصور المصعبي
الأكاديمي، المؤلف، السياسي، الدبلوماسي
وُلِدَ عبد الملك المصعبي في محافظة ريمة باليمن، عام 1952م، وسط قمم جبال شاهقة، وعالمٍ لا يزال مشتعلًا ببقايا نيران الحرب العالمية الثانية. والده الشيخ منصور الحميري، كان عالمًا فقيهًا، وشيخًا ذو سمعةٍ طيبةٍ لدى بني مصعب، وجدُّه الباشا حسن، الذي كان سياسيًا ودبلومسيًا مُحنكًا، وكان يمثلُ محافظة ريمة اليمنية في الأستانة بالدولة العثمانية، وكان لجدِّه ووالده أبرز الأثر في مسيرته الأكاديمية والدبلوماسية، فقد ورث من جدِّه فنون السياسة وروح الثورة، وأخذ من والده طلب العلم والتفوق الأكاديمي.
في شارع علي عبد المغني، المتفرع من ميدان التحرير بصنعاء، كانت تقعُ مدرسة الثورة الثانوية، التي تخرج منها البروفيسور عبد الملك، وفي هذا الميدان وشوارعه المتفرعة، نشأ الطفلُ الذي سيصبحُ فيما بعدُ سفيرًا وأكاديميًا ومؤلفًا.
مراحله التعليمية الأولى كانت مختلفة، حيث جمع بين الدراسة الحديثة في المدارس التي أسستها الثورة، وبين دروس العلماء في الجوامع، ففي الصباح وخلال اليوم الدراسي كان يقفزُ بين المراحل التعليمية بالاتفاق مع مدير المدرسة الابتدائية والإعدادية، الذي وافق على إجراء اختبارات مبكرة، وحصل على شهادة الابتدائية والإعدادية قبل إكمال الأعوام الدراسية الرسمية لكل مرحلة، بينما في المساء، لم يكن ينقطعُ عن الدروس على يد المشائخ والعلماء، ويستزيد من علوم الشرع واللغة.
إضافة إلى خصوصية مرحلة تعليمه المُبكر، فقد كان عبد الملك المصعبي يشهد ندوات سياسية ونقاشية يعقدها البرلمان اليمني، ويشارك بالنقاش والأسئلة، وبينما مرحلة طفولته كانت تمر دون لعبٍ ولهو كالأطفال، كان يتطورُ لديه وعيٌّ سياسيٌ قلَّما يحوزه أقرانه.
كانت المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية لعبد الملك المصعبي مُختصرة في زمنها، مكثفة في موادها، لكنه أتمَّ الثانوية في ثلاث سنوات كما رغبَ والده.
لينطلق بعد ذلك في مشواره الأكاديمي، الذي ابتدأ ببكالريوس الدراسات الإسلامية من جامعة صنعاء عام 1977م، وسيصبحُ لاحقًا بعد عشر سنوات أستاذًا في تلك الجامعة، ويواصل دراساته العليا عام 1995م بنيله درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية، ثم درجة الدكتوراة في الفلسفة عام 2000م، لتنتهي بذلك رحلته مع جامعة صنعاء، ويغادر اليمن في مسار مهني جديد سوف يؤدي به إلى شمال أفريقيا، وبالتحديد تونس، حيث أصبح سفيرًا لبلده في الجمهورية التونسية
لم يعرف عبد الملك المصعبي عملًا منذ صغره؛ غير الأعمال السياسية والفكرية، والحوار بين التيارات والأفكار المختلفة، فكانت السياسة إرثه من جده، والتدريس إرثه من والده، والعمل الثقافي والحوار بين الحضارات إرثه من مسيرته.
ففي السياسة، حرفته التي اختارها وفضَّلها على غيرها من الحرف في شبابه المُبكر، انخرط عبد الملك في عضوية اللجنة العليا لانتخابات المجالس المحلية باليمن، منذ عام 1980 وحتى 1999م، ثم أصبح له دور بارز في المؤتمر الشعبي العام، وترافق ذلك مع عمله الحكومي والتدريس، ثم لاحقًا العمل الدبلوماسي والإنتاج الفكري.
وفي التدريس، بدأ مشواره عام 1988 وحتى عام 2002، في ذات الجامعة التي تخرج منها وهي جامعة صنعاء، ومن أبرز المواد التي كان يُدرٍّسها: تاريخ التشريع الإنساني والإسلامي، ومقارنة الأديان، والفقه المقارن، ونظريات تفسير التاريخ، والفلسفة، ودراسات في الاقتصاد.
أثرت الأعمال التي تولاها على شخصيته، وأثرَّ هو عليها، وعلى مرَّ تاريخ سيرته المهنية، تقلد الدكتور عبد الملك منصور المصعبي بعض المناصب التي ساهم من خلالها في إثراء المشهد الثقافي والأكاديمي في اليمن وخارجها:
- مؤسس (2001) و رئيس مؤسسة المنصور الثقافية للحوار بين الحضارات، 2001 – حتى الآن
- عضو المجلس العلمي للموسوعة اليمنية، مؤسسة العفيف الثقافية، اليمن، 2000 – حتى الآن.
- عضو هيئة تدريس معهد الميثاق الوطني، اليمن، 1982 – حتى الآن.
- عضو المجلس الأعلى لجامعة صنعاء، اليمن، 1987 – 1990.
- عضو الهيئة العلمية لتقنين أحكام الشريعة الإسلامية، اليمن.
يومًا ما، وتحديدًا منذ عام 1990 كان البروفيسور عبد الملك المصعبي أحد الذين يرسمون سياسات اليمن من خلال مناصبه المتعددة في قيادة المؤتمر الشعبي العام، حيث بدأ كعضوٍ فاعلٍ في المؤتمر، ثم رئيسًا للدائرةِ التنظيمية، ثم رئيسًا لدائرة السياسيات والعلاقات الخارجية، ثمَّ أمينًا عامًا مساعدًا لشؤون الفكرِ والثقافةِ والإعلام، وكانت هذه الأدوار مرافقةً لمنصبه كمستشارٍ للرئيس اليمني.
في ما يلي قائمة بأهم الدراسات والمؤلفات (يمكن الاطلاع على كل الدراسات والمؤلفات في صفحة أعماله):
- البغي السياسي : دراسة في النزاع السياسي المسلح.
- تأصيل حقوق الإنسان : منظور إسلامي.
- فقه الأصول والاجتهاد: الشوكاني نموذجا.
- ظاهرة الهجرة اليمنية.
- اجتهاد الرسول صلى الله عليه و سلم.
- الأوقاف والإرشاد في موكب الثورة.
في بداية توليه لوزارة الثقافة، أبرم عبد الملك المصعبي العديد من اتفاقيات التعاون في مجالات الموسيقى والمسرح والنشر، مع عدة دول عربية من أبرزها مصر.
كما كان عبد الملك المصعبي من أبرز من ترأس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
أبرز المحطات التي مرَّ بها عبد الملك المصعبي في عمله الحكومي والحزبي:
- عضو مجلس الشورى اليمني، رئيس لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة ومنظمات المجتمع المدني في مجلس الشورى اليمني 2001 – 2002.
- وزير الثقافة والسياحة في اليمن 1997 – 2000.
- الأمين العام المساعد لشؤون الفكر والثقافة والإعلام 1995 – 1997.
- مستشار الرئيس اليمني 1990 – 1994.
- نائب وزير الأوقاف والإرشاد في اليمن 1982 – 1989.
“الحوار هو المنفذ الوحيد للتعايش”
من الصعب أن تكون دبلوماسيًا متعصبًا، أو طالبَ علمٍ منغلقًا على نفسه فكريًا، ولذلك فقد تميزت رحلة عبد الملك المصعبي بالمرونة الفكرية، والانفتاح على كافة الآراء، والإيمان بحق الجميع في التعبير عن أنفسهم بدون عنف ولا كراهية.
لم يكن الفكرُ والهم المعرفي طارئًا على عبد الملك المصعبي، فمع نشأته ودراسته الدينية ثم أدواره الدبلوماسية، أصبح لديه الكثير مما يقوله، والذي تمثل في العديد من المؤلفات والدراسات التي نشرها عبر رحلته الطويلة، والمحاضرات والندوات التي حاضر فيها.
اكتسابُ المعرفة أو طلبُ العلم عند عبد الملك المصعبي بدأ منذ طفولته، ولم يتوقف حتى الآن، وعند كلِّ محطةٍ عمليةٍ في حياته، كانت الممارساتُ السياسية والدبلوماسية لخدمة طموحاته المعرفية والإنسانية في سيادة السلام وحقن الدماء.
عندما كان طالبًا، كان حريصًا إلى جانب تحصيله العلمي، أن يتوسع في صداقاته ومعارفه، وأن يكون متقبلًا للجميع من كل التيارات والمذاهب الفكرية، وأن يقيم جسور حوارٍ بناء مع جميع الأطراف للوصول إلى تفاهمٍ مشترك، وهو الأمر الذي كان يشغله طوال سنوات دراسته وتدريسه، وسيكون تمهيدًا لإطلاق مؤسسة المنصور الثقافية للحوار بين الحضارات.
كما ألقى محاضرات وشارك في ندوات و مؤتمرات في عديد من البلدان مثل : الأردن، والإمارات العربية المتحدة، وألمانيا، وإيران، والبحرين، وبريطانيا (المملكة المتحدة)، وتونس، والجزائر، وسوريا، والسودان، وفرنسا، والكويت، والمملكة العربية السعودية، والمغرب، ومصر، وهولندا، والولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، ومن هذه المحاضرات والندوات ما يلي:
- السمنار الأول: حوار الحضارات بين اليابان و العالم الإسلامي، البحرين، 2002.
- السمنار الثاني: حوار الحضارات بين اليابان و العالم الإسلامي، طوكيو، اليابان، أكتوبر 2003.
- السمنار الرابع: حوار الحضارات بين اليابان و العالم الإسلامي، تونس، يناير 2006.
- القمة العالمية حول مجتمع المعلومات، نوفمبر 2006.
- الديموقراطية و العلمانية في المجتمع المتعدد الأديان و الثقافات، جامعة سيانا، إيطاليا، سبتمبر 2004.
- نحو خطاب إسلامي معاصر، جامعة المنصورة، مصر 2004.
- الشرق و الغرب نحو فهم أفضل، الكويت، ديسمبر 2003.
- الإسلام و حوار الحضارات، جامعة المنصورة، مصر، فبراير 2002.
- الحوار العربي الروسي، تونس، يونيو 2003.
- الشرق و الغرب حوار أم صراع، كرسي بن علي للحوار بين الحضارات و الأديان، تونس، فبراير 2003.
وكان قبلها سفيرًا لبلاده لدى الجمهورية التُونسية من العام 2002 وحتى العام 2005.
قضى عبد الملك المصعبي فترة ابتعاثه الدبلوماسي التي بدأت عام 2002 لتحقيق إنجاز أكاديمي آخر على هامش إقامته في تونس، حيث حصل على درجة الدكتوراة من جامعة تونس المنار في علم الاجتماع عام 2007.
من أبرز المحطات التي مرَّ بها عبد الملك المصعبي في العمل الدبلوماسي عندما عمل سفيراً ومندوباً دائماً للجمهورية اليمنية لدى جامعة الدول العربية منذ عام 2007 وحتى 2011.
